الفساد: أسبابه، آثاره و استراتيجيات مكافحته، إشارة لحالة الجزائر

 

                الفساد: أسببابه ،أثاره واستراتيجيات مكافحته - إشارة لجالة الجزائر -
                                                                            الأستاذ  ناجي بن حسين- جامعة منتوري قسنطينة-
( مقال تم نشره في العدد الرابع من مجلة الاقتصاد والمجتمع الصادرة عن مخبر المغرب   الكبير الاقتصاد والمجتمع) سنة 2007

الملخص
يهدف هذا المقال دراسة وتحليل العوامل والأسباب المشجعة لبروز ظاهرة الفساد بمختلف أشكالها ومظاهرها  (الفساد الإداري والمالي والسياسي)  وهذا من أجل معرفة أهم الاستراتيجيات المتبعة لمكافحتها. وقد توصلنا في دراستنا هذه  إلى أن الفساد يخّلف آثارا مدمرة على اقتصاديات البلدان النامية،إذ أنه يعيق تحقيق النمو وتطور الاستثمارالخاص الوطني والأجنبي على حد سواء، لذلك فإن مكافحته تعتبر تحديا رئيسيا لبلد مثل الجزائرمن أجل تحسين مناخ الاستثمار وإنجاح برنامج الإصلاحات الاقتصادية وتحقيق أهداف برنامج دعم النمو الاقتصادي.
Résumé
L’objectif de cet article est d’étudier le phénomène de la corruption et d’analyser les facteurs qui encouragent l’émergence de la corruption dans toutes ses formes (administratives, politiques, financières, etc.).Nous essayons de montrer les effets désastreux de ce phénomène sur l’économie des pays en développement. En effet la corruption constitue une entrave majeure pour la croissance économique et le développement de l’investissement privé national et étranger. Dès lors, la lutte contre ce phénomène constitue un défi majeur pour les pays en voie de développement. L’Algérie concernée aussi par ce phénomène doit lutter contre la corruption pour améliorer son climat d’investissement, réussir son programme des réformes économiques et atteindre les objectifs du programme de soutien à la croissance économique.
المقدمة
شهدت السنوات القليلة الماضية اعترافا متناميا بمشكلة الفساد والتصدي لمناقشتها ولقت اهتماما متجدد امنالباحثين وصانعي السياسات على السواء، وتأسست العديد من الهيئات الوطنية والدولية لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرةعلى البنيان الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للدول،و تبرز أهمية دراسة موضوع  الفساد نظرالدرجة اتساعه وشموليته، فهو يمس الاقتصاديات المتقدمة والنامية على حد سواء، فقد قدر البنك  الدولي أن حجم  الفساد العالمي يتجاوزمبلغ 80 ملياردولار أمريكي سنويا،وقد أظهر استبيان أجراه  البنك الدولي مؤخرا بين 150 من ا لمسؤولين الرسميين رفيعي المستوى والأفراد البارزين في المجتمع المدني في أكثر من  60 دولة ناميةعلى أن فساد القطاع العام يعتبرمن أشد العقبات التي تواجه التنمية والنمو في بلدانهم ويعتبرمن المعوقات التي تضعف قدرة الدولةعلى جذب الاستثمارالأجنبي المباشر.
انطلاقا من هذه المعطيات الأولية حول الفساد فإننا سنحاول من خلال هذاالمقال،الذي يقوم على طرح منهجي متدرج، الإحاطة بأهم  جوانب الموضوع، وذلك من خلال ستة عناصر رئيسية، نتناول فيه اأولا تحديد مفهوم الفساد وذكرأهم أنواعه،ثم نستعرض  في العنصر الثاني أهم الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى اتساع دائرة الفساد ونشيرفي العنصرالموالي إلى أهم الآثار التي يخلِّفها الفساد على التنمية الاقتصادية والاجتماعية خاصة في البلدان النامية، ونسعى من خلال العنصرالرابع الإشارة إلى أهم وأخطر مجالات الفساد وأكثرها تأثيرا على الاستقرارالمالي والاجتماعي في الدول النامية، و المتمثلة في مشاريع البنية التحتية والإنشاءات والفساد المرتبط بالمجال الصحي. ونتناول في العنصرالخامس أهم السياسات والاستراتيجيات المقترحة للحد من ظاهرة الفساد، مع الإشارة إلى شروط تحقيق الإدارة الرشيدة باعتبارها نقيضا للإدارة الفاسدة. العنصرالأخيرمن هذه الدراسة نتناول فيه قضية الفساد في الجزائرمن خلال الإشارة  إلى انطباعات المنظمات الدولية لمكافحةالفساد ورجال الأعمال (منظمة الشفافية الدولية، البنك الدولي ...) حول مستوىتفشي هذه الظاهرة في الجزائر،كما أننا نقوم بتقييم السياسة الحكومية المنتهجة للحد من هذه الظاهرة. 

 

الخاتمة
إن مكافحة الفساد شرط ضروري لسلامة و فعالية الأنشطة الاقتصادية، كما أنه شرط أساسي لترسيخ المنافسة العادلة و خلق بيئة مواتية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، لذلك فإنه يتعين على الدول النامية و الجزائر على وجه الخصوص بذل جهود إضافية لتوفير متطلبات مواجهة الفساد المتمثلة في وجود دولة توفر الخدمات بمزيد من الفعالية و الكفاءة و الأمانة في استخدام الموارد العامة و حماية حقوق الملكية.
و من خلال ما تقدمنا بطرحه سابقا يتأكد لنا أن تفشي الفساد من شأنه أن يعطل كل برامج التنمية التي تعمل الحكومات على وضعها، و بالنسبة للجزائر تعد مسألة مكافحة الفساد أولوية في الظرف الراهن المتميز بوضع برنامج كبير لدعم النمو الاقتصادي الذي خصصت له الدولة مبلغ يتجاوز60 مليار دولار للفترة (2005-2009) تتجه أغلبها لتهيئة البنية التحتية و انجاز مشاريع هامة في قطاع الأشغال العمومية و بناء السكن، الأمر الذي يستدعي مزيدا من الحرص على أن تتم الصفقات العمومية في ظل الشفافية التامة و وجود أجهزة لمراقبة تنفيذ المشاريع و محاربة كل أشكال الفساد، من خلال وضع إستراتيجية طويلة المدى يشارك فيها الجميع من حكومة و إدارات عمومية و مجتمع الأعمال و وسائل الإعلام و مجتمع مدني كل على مستواه، لأن مسألة الفساد مسألة معقدة فمكافحتها تتم وفقا لجهود جماعية و ليست فردية. إن النجاح في تجسيد هذه المشاريع و التحكم في مصادر الفساد من شأنه أن يحسن نظرة المجتمع الدولي لمناخ الأعمال في الجزائر، و يسمح بجذب الاستثمارات الأجنبية و يشجع القطاع الخاص الوطني على القيام باستثمارات منتجة، الأمر الذي يسمح بتحقيق تنمية حقيقية مستديمة.

 

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :